بين الألم والأمل.. ناجون من المحرقة يروون كيف أعادوا بناء حياتهم في إسرائيل

بين الألم والأمل.. ناجون من المحرقة يروون كيف أعادوا بناء حياتهم في إسرائيل
أحد الناجين من المحرقة يستعرض صور أسرته

داخل منزله البسيط في إسرائيل، يجلس نفتالي فورست، رجل في الثانية والتسعين من عمره، يروي بصوت مليء بالحزن والألم تفاصيل رحلته من معسكر أوشفيتز إلى الحياة التي بناها بعد ذلك، ورغم مرور عقود على تلك الأيام القاسية، فإن الندوب التي تركتها المحرقة على جسده وروحه لم تندمل.

يروي نفتالي أن لحظة نجاة حفيدته من هجوم السابع من أكتوبر 2023 في إسرائيل كانت دافعًا قويًا له ليكسر صمته الطويل ويشارك شهادته، حيث يقول بحزم: "إذا نسينا، فإننا نعطي الماضي فرصة ليعود"، بحسب فرانس برس.

ذكريات محفورة في الروح

وُلد نفتالي في سلوفاكيا عام 1932، ولم يكن يتجاوز العاشرة عندما اقتلعت الحرب طفولته، اقتيد مع أسرته إلى أوشفيتز، وهناك دُق رقم على ذراعه، رقم أصبح شاهدًا على معاناة لن تُمحى.

يتحدث عن تلك الأيام قائلاً: "أُجبرنا على السير في الثلوج خلال ما سُمّي بمسيرات الموت، كل من لم يستطع الاستمرار كان مصيره القتل أمام أعيننا، كنت أتشبث بالحياة رغم كل شيء".

نجا نفتالي من الموت بمعجزة، بمساعدة أحد أفراد المقاومة التشيكية، ليصبح لاحقًا واحدًا من أصغر الناجين الذين وثقت صورهم التاريخية فظائع المحرقة.

قصص نجاة وأمل

لم يكن نفتالي الوحيد الذي نجا من جحيم المحرقة ليعيد بناء حياته في إسرائيل، هناك أيضاً ميريام بوليه، التي ولدت في هولندا، تتذكر تفاصيل معاناتها أثناء ترحيلها إلى معسكر بيرغن-بلسن، وبعد نجاتها، كرّست حياتها لتوثيق قصص الضحايا في كتابها "رسائل لم تُرسل".

أما دان هاداني، فقد فقد عائلته بالكامل في بولندا، لكنه اختار تحويل ألم الفقد إلى طاقة بناء، عمل بجد لإنشاء وكالة تصوير وثقت البدايات الأولى لدولة إسرائيل، قائلاً: "كانت الصور طريقتي للهروب من الكوابيس التي تطاردني".

الحياة بعد الكارثة

إيفا إيربن، التي كانت تغني في معسكر تيريزينشتات قبل أن تُرحّل إلى أوشفيتز، ما زالت ترى في الفن رمزًا للأمل والحياة، بالنسبة لها، الغناء كان طريقتها لمقاومة الموت والانتصار للحياة.

اليوم، يعيش هؤلاء الناجون من المحرقة في ظل قلق متجدد، يرون مظاهر معاداة السامية تعود في أوروبا، ويشعرون أن شهاداتهم ليست مجرد روايات عن الماضي، بل تحذيرات للمستقبل.

بالنسبة لنفتالي وزملائه، الحياة في إسرائيل لم تكن مجرد ملاذ، بل رمزًا للصمود والقدرة على بناء الأمل من تحت الرماد، قصصهم هي شهادة حية على ما يمكن أن يفعله الإنسان لمواجهة أقسى الظروف.

يذكر أنه كان هناك الكثير من الناجين شهودا على المجزرة التي ارتكبت في بولندا حيث قتل مليون من أصل ستة ملايين يهودي ضحايا المحرقة والتي أصبحت رمزا للإبادة التي نفذتها ألمانيا النازية بحق اليهود خلال القرن الماضي.

وقد أودت المحرقة بحياة 6 ملايين يهودي، ونحو 5 ملايين من السلاف، ونحو 3 ملايين من البولنديين، ونحو 200 ألف من شعب الروما، ونحو 250 ألف شخص معاق جسدياً وعقلياً، ونحو 9 آلاف من الرجال المثليين. 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية